الثلاثاء، 24 يونيو 2014

علاقة التلميذ بالمعلم

الحوار: Dialogue
‏ارتبط هذا المحور عند"  فريري " بإحداث تعديل مقصود و مخطط له في الجوانب المختلفة من شخصية المتعلم، و وجد " فريري " أن أهمية الحوار تكمن في قدرته على استشعار الإنسان لحالته من خلال وعيه بذاته و بعالمه و مشاكله، و بالتالي مشاركة هذا الإنسان في التغيير الاجتماعي و التقدم في بلدان العالم الثالث التي تعاني من التخلف و الجمود فضلاً عن التبعية، و تتطلب طريقة الحوار الاستعاضة عن المعلم التقليدي الذي يتولى الكلام، ثم يطلب من التلاميذ تكرار ما يقوله بمعلم من نوع آخر، ذي بصيرة، لا ينحصر دوره في التلقين، بل في اكتشاف ذواتهم و عالمهم و قدراتهم على المشاركة و التعبير، و كذا الاستعاضة عن التلميذ السلبي الذي ينحصر دوره في تلقي الدروس من المعلم و حفظها و استظهارها، بتلميذ يشارك بفاعلية في الحوار الجماعي الدائر بعقلية ناقدة ( 32 ).

‏و الحوار ليس فقط طريقة لإنجاز نتائج جيدة، و ليست تقنية لتكوين الأصدقاء أو غزو الأطفال، فهذا تطويع و ليس حواراً، و عند " فريري " الحوار جزء من الطبيعة البشرية، و الكائنات البشرية تنمو ‏عبر الحوار لامتلاكهم قدرة اتصالية، و لحظة الحوار هي اللحظة التي عندها يتقابل الناس من أجل التقدم و الاكتشاف، فالاكتشاف عملية اجتماعية، و الحوار هو صلب هذه العملية ( 33 ).

‏و يقول فريري ( 34 ): الحوار في نظري هو الكلمة، و الكلمة في مدلولها الحقيقي، تتجاوز قيمتها كوسيلة يتحقق بها الحوار، و ذلك لما تتميز به من بعدي الرؤية و الفعل، فهذان البعدان متلازمان بحيث لا يغني أحدهما عن الأخر، و ذلك ما .بميز الكلمة الصادقة بأنها هي القادرة على تغيير العالم، أما حيث تجرد الكلمة من أحد البعدين السابقين فإنها تصبح عاجزة عن القيام بدورها، و تتحول إلى مجرد ثرثرة فارغة المحتوى، و بنفس القدر فإن قيمة الكلمة العملية تحتوي على ما في داخلها من رؤية فالعمل من غير رؤية يلغي حقيقة الحوار، و لا يتحقق به شيء على الإطلاق، و الوجود الإنساني لا يمكن له أن يظل صامتاً كما لا يمكن له أن يحيا على الكلمات الفارغة، فالكلمات التي تحييه و تعمل على تغير العالم هي الكلمات المفعمة بالرؤية الصادقة.

‏و التحاور مع الناس ليس ضرباً من التنازل أو الهبة و ليس وسيلة لتأمين السيطرة بل هو عامل مهم لمعرفة العالم من أجل استعادة إنسانية الإنسان  .


‏و اهمية الحوار تبدو واضحة في لقاء الناس بعضهم بعضاً بروح الثقة و الإنسانية، و التعاون و التوحد، و المشاركة، التي تساعدهم على تحويل العالم و ألسنته من خلال تغيير العلاقة بين التلميذ و المعلم و تغيير أدوارها، فالتعليم بغرض التحرير هو مهمة الذين يعلمون أنهم يعرفون قليلاً مع الذين يظنون أنهم لا يعرفون شيئاً، و هدفهم هو الانتقال من حالة عدم المعرفة إلى العلم بأنهم يعرفون القليل‏، و هذا ما يجعل من هذه الطريقة عملية تعليم و تعلم للطرفين على السواء، فالتعليم الحواري هو الذي يستطيع أن يحل التناقض في علاقة التلميذ بالمعلم و يجعلهما مشاركين في عملية واحدة تكسبهما القدرة على الإحساس بالواقع أولاً ثم القدرة على التغيير ثانياً، ثم القدرة على تغييره ثالثاً، و يمكن تحقيق هذا من خلال الطريقة الحوارية *. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق